السواك

Publié le par elhedaya.over-blog.com

السواك 


 

تعريفات :

السَّوْكُ : فِعلُك بالسِّواك والمِسْواكِ .

وساك الشيءَ سَوكاً : دَلَكه ، واسْتاكَ : مشتق من ساكَ ، وإذا قلت اسْتاك أَو تَسَوَّك فلا تذكر الفم ، واسمُ العُود : وقيل المِسْواكُ يُذَكَّرُ ويؤنث ، قال أَبو منصور : ما سمعت أَن السواك يؤنث .

والسِّواك ما يُدْلَكُ به الفم من العيدان ، والسِّواكُ كالمِسْواك والجمع سُوُكٌ [ لسان العرب 10/ 446 ] .

والاستياك لغة : مصدر استاك .

واستاك : نظف فمه وأسنانه بالسواك ، ومثله تسوك .

ولفظ السواك يطلق ويراد به الفعل ، ويطلق ويراد به العود الذي يُستاك به ، ويسمى أيضاً المسواك .

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي [ الموسوعة الفقهية 4/136 وما بعدها ، والمجموع 1/326 ] .

السواك : بكسر السين ، ويطلق السواك على الفعل وهو الاستياك ، وعلى الآلة التي يستاك بها ، ويقال في الآلة أيضا : مسواك بكسر الميم ، يقال : ساك فاه يسوكه سوكا .

والسواك مذكر ، نقله الأزهري عن العرب ، قال : وغلط الليث بن المظفر في قوله : أنه مؤنث ، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر ، لغتان . قالوا : وجمعه سوك بضم السين والواو ككتاب وكتب ، ويخفف بإسكان الواو ، وربما همز فقيل سؤاك .

والسواك مشتق من ساك الشيء إذا دلكه . وقيل : أنه مشتق من التساوك ، يعني التمايل ؛ يقال : جاءت الإبل تتساوك ، أي تتمايل في مشيتها .

والصحيح : أنه من ساك إذا دلك .

السواك في اصطلاح الفقهاء :

عرف الفقهاء السواك بتعريفات متقاربة :

فعرفه الحنفية : أنه اسم لخشبة معينة للاستياك [ البحر الرائق 1 / 21 ، عمدة القاري 3 / 184 ، شرح فتح القدير 1 / 24 ] .

وعرفه المالكية : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب الصفرة والريح [ مواهب الجليل 1 / 264 ، أوجز المسالك إلى موطأ مالك 1 / 368 ] .

وعرفه الشافعية والحنابلة : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه [ المجموع 1 / 270 ، مغني المحتاج 1 / 55 ، المبدع 1 / 68 ، كشاف القناع 1 / 70 ] .

============================================

حكم السواك :

اختلف العلماء في حكمه إلى قولين :

القول الأول : وجوبه .

القول الثاني : استحبابه .

والراجح : أنه سنة وطاعة [ فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله 29/26 ] .

فهو سنة عند جماهير العلماء ، وقد حكى النووي رحمه الله إجماع من يعتد برأيهم من العلماء عامة على أنه مندوب إليه [ الموسوعة الفقهية 4/137 ، سبل السلام 1/176 ، المجموع 1/327 ] .

والدليل على سنية السواك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ " [ متفق عليه ] .

فقوله صلى الله عليه وسلم : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم . . . " يدل على أنه ليس بواجب ، لأنه لو كان واجباً لشق عليهم .

ولا يدل على أنه ليس بمسنون ، أو ليس مأموراً به ، بل لولا المشقة لكان واجباً لأهميته [ الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين رحمه الله 1/147 ] .

فانتبه أيها المسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رحيماً بأمته رءوفاً بهم عطوفاً عليهم ، لا يريد لها المشقة ، بل يريد اليسر والسهولة ، ولهذا كان يحب بعض الأشياء ثم يتركها خوفاً أن يشق ذلك على أمته .

ومن ذلك الحديث السابق ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يحب السواك ومن شدة حبه له كاد أن يأمر الأمة به مع كل وضوء ، لكنه وجد بأن ذلك يشق على الأمة فلم يأمر به مع كل وضوء ، لكنه حثهم على ذلك من غير أمر .

الإسلام دين نظافة يريد النظافة ، ويسعى لطيب الرائحة عموماً ، والفم خصوصاً ، فشرع للأمة السواك ، لأنه من وسائل نظافة الفم ، فياله من دين عظيم ، يسعى لكل ما ينفع المسلم في دنياه وأخراه ، فتمسكوا بدينكم ، والتزموا هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم تهتدوا وتنتصروا ، تمسكوا بهما ، وعضوا عليهما بالنواجذ تفوزوا وتفلحوا وتصلح أحوالكم في العاجل والآجل .

============================================

تخليل الأسنان :

تخليل الأسنان هو إخراج ما بينها من فضلات بالخِلال .

والخِلَل : بقية الطعام بين الأَسنان ، واحدته خِلَّة ، وقيل : خِلَلة ، ويقال له أَيضاً : الخِلال والخُلالة ، وقد تَخَلَّله ، ويقال فلان يأْكل خُلالته وخِلَله وخِلَلته : أَي ما يخرجه من بين أَسنانه إِذا تَخَلَّل .

ويقال وجدت في فمي خِلَّة فَتَخَلَّلت .

وقال ابن بزرج : الخِلَل ما دخل بين الأَسنان من الطعام ، والخِلال ما أَخرجته به ، والخُلالة بالضم : ما يقع من التخلل ، وتَخَلَّل بالخِلال بعد الأَكل . وفي الحديث التَّخَلُّل من السُّنَّة هو استعمال الخِلال لإِخراج ما بين الأَسنان من الطعام [ لسان العرب 11/ 211 مادة : خلل ] .

فالفرق بين التخلل والاستياك ، أن التخلل : إخراج ما بين الأسنان من الفضلات ، إما بعود أو غيره .

والاستياك : استخدام السواك أو المسواك ، لتنظيف الفم والأسنان بنوع من الدلك [ الموسوعة الفقهية 4/137 ] .

 

حكمة مشروعية السواك :

تتضح حكمة مشروعية السواك في هذا الحديث :

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ " [ رواه أحمد في المسند 24969 ، وقال شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره ، ورواه البخاري معلقاً مجزوماً به فهو حديث صحيح ، وصححه الألباني رحمه الله ، صحيح الترغيب والترهيب 1/50 ] .

وانظر إلى هذه الفائدة العظيمة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل السواك ، وغفلنا عنها معاشر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، إلا من رحم الله ، ومنَّ عليه باتباع هدي حبيبه ونبيه صلى الله عليه وسلم .

فالحديث السابق يفيد فائدتين عظيمتين :

1-             دنيوية ، كونه مطهرة للفم .

2-             أخروية ، كونه مرضاة للرَّبِّ . 

فانظر إلى هذا الفضل العظيم ، والأجر الجسيم ، من الجواد الكريم ، بفعل يسير ، ومع ذلك فأكثر الناس لا يعلمون [ الشرح الممتع 1/147 ] .

============================================

 

الاستياك بالأصبع :

أمّا الاستياك بالأصبع ففيه ثلاثة أقوالٍ :

الأوّل :            تجزئ الأصبع في الاستياك مطلقاً :

في رأيٍ لكلٍّ من المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، لما روي عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أنّه توضّأ فأدخل بعض أصابعه في فيه . . وقال : " هكذا كان وضوء نبي الله صلى الله عليه وسلم " .

الثّاني :             تجزئ الأصبع عند عدم وجود غيرها :

وهو مذهب الحنفيّة ، وهو رأيٌ آخر لكلٍّ من المالكيّة والشّافعيّة ، لما رواه أنس بن مالكٍ رضي الله عنه : أنّ رجلاً من بني عمرو بن عوفٍ قال : يا رسول اللّه إنّك رغّبتنا في السّواك ، فهل دون ذلك من شيءٍ قال : أصبعيك سواكٌ عند وضوئك ، أمرّهما على أسنانك " .

الثّالث :            لا تجزئ الأصبع في الاستياك :

وهو رأيٌ ثالثٌ للشّافعيّة ، والرّأي الآخر للحنابلة ، وعلّلوا ذلك بأنّ الشّرع لم يرد به ولا يحصل الإنقاء به حصوله بالعود .

وقيل : لا يُسَنُّ التَّسوُّكُ بالأصبع، ولا تحصُل به السُّنَّةُ، سواء كان ذلك عند الوُضُوء أو لم يكن .

وقال بعض العلماء ؛ ومنهم الموفَّق صاحب " المقنع " ، وابن أخيه شارح " المقنع " : إنه يحصُل من السُّنِّيَّة بقدر ما حصل من الإنقاء .

وقد رُوي عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة الوُضُوء أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " أدخل بعضَ أصابعه في فيه... " [ رواه أحمد وسنده ضعيف ] ، وهذا يدلُّ على أن التَّسوُّك بالأصبع كافٍ ، ولكنَّه ليس كالعُود ؛ لأن العود أشدُّ إنقاءً .

لكن قد لا يكون عند الإنسان في حال الوُضُوء شيء من العيدان يَستاكُ به ، فنقول له : يجزئ بالأصبع .

ولهذا قال بعضُ العلماء : " إن كان الإصبع خشناً أجزأ التَّسوُّك به ، وإن كان غير خشنٍ لم يجزئ " [ الشرح الممتع 1/145 ، المجموع شرح المهذب 1/335 ، توضيح الأحكام 1/158 ، التمهيد 2/475 ] .

والراجح والعلم عند الله تعالى : أن الأصبع لا يجزئ عن السواك ، وليس بسنة ، لأنه لا يقوم مقام السواك مطلقاً ، فالسنة الصحيحة الصريحة وردت بالسواك ، والسواك له شعيرات تصل إلى داخل الأسنان ويحصل بها الإنقاء ، كما أن له رائحة طيبة لا توجد في الأصبع ، كما أنه لا يجرح بينما الأصبع ربما كان فيه شيء بارز ربما جرح الفم وأثر فيه .

وأيضاً لم يرد به الشرع ، كل ما هنالك أحاديث لا تثبت ، كلها ضعيفة .

والأصبع كما هو معلوم لا يسمى سواكاً ، ولا يحصل الإنقاء به حصوله بالعود ، والعلم عند الله عز وجل .

============================================

 

متى يتأكد السواك :

هناك أحوال يتأكد فيها استعمال السواك وهي :

الأول / عند القيام إلى الصلاة :

وسواء كانت صلاة فرض أو نفل ، وسواء صلى بطهارة ماء أو تيمم أو بغير طهارة كمن لم يجد ماء ولا تراباً وصلى على حسب حاله .

الثاني / عند اصفرار الأسنان :

ودليله حديث السواك مطهرة للفم .

الثالث / عند الوضوء :

ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو لا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء " [ وهو حديث صحيح رواه ابن خزيمة والحاكم في صحيحهما وصححاه وأسانيده جيدة وذكره البخاري في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا بصيغة جزم ] .

الرابع / عند قراءة القرآن :

ذكره الماوردي والروياني وصاحب البيان والرافعي وغيرهم .

الخامس / عند تغير رائحة الفم :

وتغير رائحة الفم قد يكون بالنوم ، وقد يكون بأكل ما له رائحة كريهة ، وقد يكون بترك الأكل والشرب ، وبطول السكوت ، وقيل : قد يكون أيضاً بكثرة الكلام .

وبعد الفراغ من الطعام ، مع أنه لم ترد بذلك سنة ، إلا أنه من المواضع المهمة التي ينبغي أن يُستعمل فيه السواك للتنظيف وتطييب رائحة الفم بعد الأكل .

السادس / عند دخول البيت :

في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك " [ المجموع 1/328 ] .

وذلك للقاء الأهل والاجتماع بهم .

السابع / عند القيام من الليل :

أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ " .

وَفِي لَفْظٍ : إذَا قَامَ لِيَتَهَجَّدَ .

الثامن / عند الخروج إلى الصلاة :

أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ : " مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ حَتَّى يَسْتَاكَ " .

التاسع / يوم الجمعة :

ودليل ذلك حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ : " الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ ، وَأَنْ يَسْتَنَّ ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ " [ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ] .

العاشر / عند دخول المسجد :

لأن ذلك من كمال النظافة ، واتخاذ الزينة عند دخول المسجد ، ولما فيه من حضور الملائكة ، واجتماع الناس ، فكان مناسباً استعمال السواك في هذا المكان الطيب الطاهر المبارك .

============================================

السواك والصيام :

اختلف العلماء في حكم السواك للصائم :

فمنهم من قال بجوازه للصائم قبل الزوال ، وممنوع منه بعد الزوال .

ومنهم من قال بجوازه قبل وبعد الزوال وهو الصحيح والظهر من أقوال العلماء رحمهم الله تعالى وعفا عنا وعنهم بمنه وكرمه .

قال الشيخ العلامة / محمد بن عثيمين رحمه الله : " والراجح أن السواك سنة حتى للصائم قبل الزوال وبعده ، ويؤيده حديث عامر بن ربيعة والذي ذكره البخاري تعليقاً بصيغة التمريض : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أحصي يتسوك وهو صائم " [ حديث ضعيف ] [ الشرح الممتع 1/151 ] .

وقال الألباني رحمه الله تعالى بعد أن ذكر ضعف الأحاديث المانعة للصائم من السواك بعد الزوال ، قال : " والأدلة عامة في مشروعية السواك وهي تشمل الصائم في أي وقت ، وما أحسن ما روى الطبراني عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل : أتسوك وأنا صائم ؟ قال : نعم قلت : أي النهار ؟ قال : غدوه أو عشية . قلت : إن الناس يكرهونه عشية ويقولون : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ؟ قال : سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمداً ، ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر " [ إرواء الغليل 1/ 106 ] .

والصحيح جواز السواك للصائم قبل الزوال وبعده ، وهو قول عامة العلماء ، وأما ما علل به من منعوا السواك بعد العصر لأن السواك يقطع خلوف فم الصائم رد عليهم ابن القيم من ستة أوجه :

1 - أن المضمضة أبلغ من السواك في قطع خلوف الفم ، وقد أجمع على مشروعيتها للصائم .

2 - أن رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصائم .

3 - أن محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم .

4 - أن السواك لا يمنع طيب الخلوف _ الذي يزيله السواك _ عند الله يوم القيامة .

5 - أن الخلوف لا يزول بالسواك ؛ لأن سببه قائم ، وهو خلو المعدة من الطعام .

6- أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته ما يستحب وما يكره لهم في الصيام ، ولم يجعل السواك من المكروه [ زاد المعاد 4 / 323 ، 324 ] .

فالسواك سنة للصائم ، سواء كان ذلك قبل الزوال أو بعده ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " وجميع الأحاديث الواردة في السواك ليس فيها ما يدل على استثناء الصائم ، وعلى هذا فهو سنة للصائم ولغيره ، لكن إذا كان للسواك طعم أو كان يتفتت ، فإنه لا ينبغي للصائم استعماله ، لا لأنه سواك ، ولكن لما يخشى من وصول الطعم إلى جوفه ، أو من نزول ما يتفتت منه إلى جوفه ، فإذا تحرز ولفظ الطعم ، ولفظ المتفتت فليس في ذلك شيء .

فالسواك سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطباً ، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طَعْمِه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره [ الفتاوى السعدية 245 ] .

ويجتنب ما له مادة تتحلل كالسواك الأخضر ، وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع ، ويُخرج ما تفتت منه داخل الفم ، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا شيء عليه . والله أعلم .

============================================

 

السواك والوضوء :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ _ عند _ كُلِّ وُضُوءٍ " [ متفق عليه ] .

الحديث فيه الدلالة على الحث على السواك عند الوضوء ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يرغب الأمة بأن يستاكوا عند كل وضوء ، يعني قبل البداءة في الوضوء .

فإذا أراد المسلم أن يتوضأ فإنه يبدأ بالسواك ثم يتمضمض ، ليكون هذا أبلغ في تنظيف الفم ، وتطييب رائحته ، فالتسوك يكون قريباً من البداءة بالوضوء لأنه من سننه [ تسهيل الإلمام 1/109 ] .

وقد سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله في لقاءات الباب المفتوح هذا السؤال :

بالنسبة للسواك عند الوضوء ، في أي مكان يستخدم هل هو قبل الوضوء أو أثناء الوضوء ؟

الجواب : السواك في الوضوء سنة ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء " قال أهل العلم : ومحله عند المضمضة ؛ لأن المضمضة هي التي يكون بها تطهير الفم ، فيكون عند المضمضة ، فإن لم يتيسر له ذلك فبعد الوضوء ، والأمر في هذا واسع .

============================================

السواك والصلاة :

والمقصود بهذه النقطة متى يستاك المصلي إذا أقيمت الصلاة ؟ هل يكون الاستياك أثناء الإقامة ، أم بعد الإقامة ، وقبل التكبير ؟

وهذا ما يُشكل على الكثيرين .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ " [ متفق عليه ] .

وتأمل كلمة : " عند كل صلاة " : يعني قرب الصلاة ، وكلما قربت من الصلاة كان أفضل .

لأن القائم إلى الصلاة يقرأ القرآن ، ويذكر الله ، ويدعوه ، فاستحب له تطهير الفم لأنه مجرى القرآن ولئلا يؤذي الملائكة والآدميين بريح فمه ، ولأن الله يحب المتطهرين [ شرح العمدة في الفقه 1/219 ] .

والصلاة بعد السواك أفضل منها قبله [ التمهيد 2/475 ] .

وعن زيد بن خالد الجهني قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " قال أبو سلمة : فرأيت زيداً يجلس في المسجد وإن السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب ، فكلما قام إلى الصلاة استاك [ صححه الألباني في صحيح أبي داود 1/ 11 ] .

ومن فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/ 73 هذا السؤال :

س : أسمع من يقول : أن السواك داخل المسجد لا يجوز فهل هذا صحيح ؟

ج : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :

السواك سنة ، ويتأكد كلما دعت الحاجة إليه من وضوء وصلاة وقراءة قرآن وتغير فم ونحو ذلك ، ويجوز فعله داخل المسجد وخارجه ، لعدم وجود نص يمنع منه داخل المسجد مع وجود الداعي إليه ولعموم حديث : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة " ، إلا أنه ينبغي ألا يبالغ فيه إلى درجة التقايئ وهو في المسجد خشية أن يخرج منه قيء أو دم يلوث المسجد .

س : رجل ترك السواك سهوا قبل الصلاة، فهل من السنة أن يتسوك في أثنائها ؟

ج : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :

لا يشرع للمصلي أن يتسوك وهو في صلاته، سواء ترك التسوك قبل الصلاة سهوا أو عمدا وإنما يشرع السواك عند الدخول فيها قبل التكبير .

وسئل الشيخ ابن جبرين وفقه الله هذا السؤال :

س : يعمد بعض المصلين عند إقامة الصلاة إلى استعمال السواك الأمر الذي يثير روائح الفم وربما ينزف دماً ، فهل هذا تطبيق للحديث الشريف : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " .

ج : لا يُنكر هذا العمل ، بل هو محض السنة كما دل عليه الحديث المذكور ، ولا عبرة بمن كرهه ، وليس بصحيح أنه يثير روائح كريهة بل هو ينظف الفم ويطيب النكهة كما قال صلى الله عليه وسلم : " السواك مطْهرة للفم مرضاة للرب " ، فأما خروج بعض الدم من الأسنان عند الاستياك فليس بمبرر لتركه في المسجد وعند الصلاة ، لندرة ذلك وانقطاعه مع الاستمرار والاعتياد لاستعمال السواك [ فتاوى إسلامية 1/222 ] .

============================================

 

ذِكْرُ السواك :

سؤال : هل هناك ذكر معين يقال عند التسوك ؟

الجواب : لم يرد هناك دليل صحيح صريح يدل على قول ذكر معين يقال عند الاستياك، وإنما استحب بعض العلماء أن يقول ذكراً يناسب المقصود من السواك ومن ذلك قول الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع : قال الروياني : قال بعض أصحابنا : يستحب أن يقول عند ابتداء السواك : اللهم بيض به أسناني ، وشد به لثاتي ، وثبت به لهاتي ، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين .

أو قول صاحب الرعاية من الحنابلة : ويقول إذا استاك : اللهم طهر قلبي ، ومحص ذنوبي .

يقول ذلك الذكر بشرط أن لا يعتقد أن ذلك سنة ، وأن تاركه تارك لسنة . والله أعلم بالصواب [ المجموع 1/337 ] .

============================================

السواك وأدوات التنظيف الأخرى :

لعلي أورد تساؤلاً هنا ، ربما أشكل على الكثير من الناس ، ألا وهو :

هل تحصل فضيلة السواك بغير عود الأراك ؟

يعني هل الأجر والثواب مترتب على التسوك بسواك الأراك ، أم أن أي عود آخر يقوم مقامه في الأجر والثواب ؟

ج : فيه خلاف ، من العلماء من يقول : إنه لا يحصل فضل السواك إلا إذا تسوك بالمسواك .

ومنهم من قال : بل يحصل له من السنة بقدر ما حصل له من الإنقاء ، وأنه يمكن أن يدرك السنة إذا تسوك بأصبعه أو خرقة ، وهذا أقرب إلى الصواب .

ولا شك أن الأكمل والأفضل أن يكون بعود الأراك أو ما يقوم مقامه ، ولكن إذا تسوك بالإصبع أو الخرقة فإنه يحصل من السنة على قدر ما حصل له من التنظيف [ المغني 1/137 ، حاشية الروض 1/149 ، فتح ذي الجلال والإكرام ، للشيخ ابن عثيمين رحمه الله 1/239 ] . 

============================================

 

 

فوائد السواك :

قلنا يكفي في السواك أنه مرضاة للرب سبحانه وتعالى ، مما يستدعي محافظة كل مسلم ومسلمة عليه ، كما ينبغي تعويد الأولاد على السواك ، وتحبيبهم فيه ، لأنه مرضاة للرب تعالى ، ولأنه سنة من سنن الحبيب صلى الله عليه وسلم .

وكفى بذلك فضل وفائدة ، لكن ذكر الأطباء والعلماء أن للسواك فوائد كثيرة .

قال ابن القيم رحمه الله : " في السواك عدة منافع : يطيب الفم _ أي يذهب برائحته الكريهة ويكسبه ريحا طيبة _ ويشد اللثة _ لحم الأسنان _ ويقطع البلغم ، ويجلو البصر ، ويذهب بالحفر _ بفتح الحاء والفاء بضبط المصنف داء يصيب الأسنان _ ويصح المعدة ، ويصفي الصوت ، ويعين على هضم الطعام ، ويسهل مجاري الكلام ، وينشط للقراءة والذكر والصلاة ، ويطرد النوم ، ويرضي الرب _ لما في فعله من الاتباع والثواب _ ويعجب الملائكة _ لأنهم يحبون الريح الطيبة _ ويكثر الحسنات _ لأن فعله منها _ " [ الطب النبوي 322 ] .

ومن فوائد السواك : أنه يدر البول ، ويقطع الرطوبة ، ويذهب الصفرة ، ويسكن عروق الرأس ، ووجع الأسنان ، ويذكي الفطنة ، ويسخط الشيطان ، ويطيب النكهة ، ويسهل خروج الروح [ حاشية ابن عابدين 1 / 115 ، المنهج السوي ص 300 ] .

قال صاحب سبل السلام : إن الأحاديث في الحث على السواك زيادة عن مائة [ سبل السلام 1/175 ] .

وقال ابن عابدين : قال في النهر : ومنافعه وصلت إلى نيف وثلاثين  [ حاشية ابن عابدين 1 / 115 ] .

ومن فوائد السواك : أنه بمثابة العلاج للإقلاع عن بعض العادات السيئة ، مثل التدخين ، فالسواك مع طول مدة استعماله يصبح عادة فيكون سبباً في الإقلاع عن التدخين ، وكذلك في الإقلاع عن مص الأصابع عند الصغار .

فسنة هذه فوائدها ينبغي على المسلمين اتباعها والمحافظة على إحيائها ، وبثها بينهم ، حتى لا تندثر وتُنسى .

فكم للسواك من فوائد كثيرة ، وأسرارٍ عجيبة .

============================================

فائدة مهمة :

قال الشوكاني رحمه الله : " وَلِلْفُقَهَاءِ فِي السِّوَاكِ آدَابٌ وَهَيْئَاتٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفَطِنِ الِاغْتِرَارُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَا وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ ، وَلَقَدْ كَرِهُوهُ فِي أَوْقَاتٍ وَعَلَى حَالَاتٍ حَتَّى يَكَادَ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْجَلِيلَةِ وَإِطْرَاحِهَا وَهِيَ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الشَّرِيعَةِ ظَهَرَ ظُهُورُ النَّهَارِ ، وَقَبِلَهُ مِنْ سُكَّانِ الْبَسِيطَةِ أَهْلُ الْأَنْجَادِ وَالْأَغْوَارِ " [ نيل الأوطار 1/ 153 ] .

فتأمل أيها المسلم ما أشار إليه الشوكاني رحمه الله ، فما لم يرد به دليل صحيح من السنة ، فانظر فإن كان في العمل به تفريط وتضييع لسنة أتى بها الدليل ، فلا تعمل به ، وإلا فلا تضيع سنة لقول من قال من الناس ، فكل الناس يؤخذ منه ويُرد عليه ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه يؤخذ منه ، ولا يُرد عليه ، بل يُقبل منه ، لأنه لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى

============================================

 

الخاتمة :

وفي ختام هذه الرسالة أشكر الله عز وجل أن منَّ علي بإتمامها وإكمالها ، فما كان من صواب فمن الله ، وما كان من خلل وتقصير فمني ومن الشيطان ، وأعوذ بالله أن أقول عليه أو على رسوله صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً ، أو أغشى فجوراً ، اللهم اعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم تول أمرنا ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم إنا نسألك علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً متقبلاً ، اللهم طهر قلوبنا من النفاق ، وأعمالنا من الرياء والسمعة ، وأعيننا من الخيانة ، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم بغض إلينا المعاصي واجعلنا أبعد الناس إليها ، اللهم ألف بين قلوبنا ، واجعلنا أخوة متحابين ، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين ، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين ، اللهم يا قوي يا عزيز ، يا جبار السموات والأرضين ، عليك باليهود الغاصبين ، والأمريكان المحتلين ، وكل الأعداء الحاقدين ، من علمانيين وشيعة ومجوسيين وملحدين ، اللهم أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تبق منهم أحداً ، اللهم طهر بلاد المسلمين رجسهم ودنسهم ورجزهم إله الحق ، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم الكافرين ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ، اللهم أخرجهم من بلاد المسلمين أذلة صاغرين ، وأعدهم إلى بلادهم جثثاً هامدين ، اللهم طهر مقدسات المسلمين من نتن الكفرة الظالمين ، اللهم نكس رؤوسهم ، واجعل الخوف لباسهم ، اللهم اضرب الظالمين بالظالمين ، وأخرجنا من بينهم سالمين غانمين يا قوي يا عزيز ، اللهم لا تقم لأعدائك في الأرض راية ، وتمكن لهم غاية ، واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية ، يا رب العالمين ، اللهم يا أرحم الراحمين يا لطيفاً بعباده يا رؤوفاً بخلقه ، اللهم رحماك بإخواننا المسلمين المضطهدين في دينهم في مشارق الأرض ومغاربها ، اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً ، ومعيناً وظهيراً ، اللهم قوي عزائمهم ، وكثر عتادهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم ، اللهم اربط على قلوبهم ، وسدد رميهم ورأيهم ، اللهم اجمع كلمتهم على الحق والدين ، اللهم أنزل معهم جنداً من جندك ، واجعل النصر والتمكين لهم يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، اللهم اجعلنا هداة مهتدين ، غير ضالين ولا مضلين ، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

 

 

                                                                   كتبه

                                                           يحيى بن موسى الزهراني

                                                          إمام جامع البازعي بتبوك

Publié dans a

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article